"مجموعة أهم الأحداث" : الأمة الاسلامية تعيش هذه الأيام اجواء موسم الحج العظيم ،ركن من أركان دينها الحنيف ، لابد من الوقوف على ظاهرة منتشرة في مجتمعات عربية اسلامية ، على ألاقل في مدى علمي و معرفتي ، ألا وهي مقولة تسمع بكثرة " فلان ذهب لغسل عظامه" ،يعني ذهب لأداء فريضة الحج ...
الظاهرة منتشرة بكثرة ، خصوصا بين فئة التجار المتحكمون في جيوب و بطون الناس يتلاعبون بأوتار تلك البطون و تلك الجيوب كيفما شاءوا وكيفما أرادوا . يستغلون المناسبات الدينية والغير دينية ليزيدوا تلك الأسعار اشتعالا و لهيبا لترتفع أرباحهم أضعاف مضعفة بدون وجه حق وبدون أدنى مجهود ، بالاضافة الى عمليات الغش "كما وكيفا " وبخس الناس أشياءهم ...
وبعد أن يجمعون تلك الأموال بتلك السهولة و البساطة تاركين الناس في "هم وغم" يضربون الأرقام في بعضها البعض متطلعين صباحا مساءا الى جدول ذالك الشهر كم يوما بقى منه للقبض تلك الماهية ( المرتب الشهري) بعد شهرا من الكد و التعب ليتسلمها ذالك التاجر بتلك السهولة و البساطة ، جاعلين الناس لا يفكرون في أي شىء الا كيف الخروج من ذالك الشهر باقل الأضرار...
قلت بعد أن يجمع ذالك التاجر تلك الأموال ، يقرر أداء فريضة الحج قائلا "أنه سيذهب لغسل عظامه " ، كأن الحج بالنسبة له "حماما" وليست فريضة دينية ذات دلالة ومغزى كبيرين . والمصيبة الأكبر ، بعد عودته يعود الى تجارته والى أساليبه القديمة ، علىنفس منوال " حليمة وعادتها القديمة" ، ليعود في السنة المقبلة لأداء مرة أخرى الفريضة ، وهكذا ...
ومنهم من يؤدي العشرات منها متصورون أن ذنوبهم "غسلت" تماما حتى العظام ، مستعملين عبارة " ان الله غفور رحيم" متجاهلين أنه أيضا "شديد العقاب" وهو القائل ، و قوله الحق : {وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} الشعراء:183. وخاصة اذا تعلق الأمر في احتكار الخيرات التي وهبها الله حارمين عباده منها احتكارا ومضاربة ومنهم من يفضل رميها في "المزابل" وعلى حواشي الوديان وغير الوديان ولا يبيعها بثمن منخفض لتستفيد منها النفس البشرية...
ومنهم من يجمع تلك الأموال ليس فقط على حساب جيوب الناس وانما أخطر من ذالك على حساب صحتهم ببيع مواد مغشوشة أو منتهية الصلاحية غير صالحة للاستهلاك عمدا وهو يعلم بذالك . أو كالذي يسقي الخضروات و الفواكه بمياه الصرف الصحي ( بما في ذالك ما تلفظه المستشفيات والمراكز الصحية... والكل يعلم ماذا يعني ذالك ) ، وما ادرك من مياه الصرف الصحي ، مخزن لكل مسببات الأمراض السرطانية التي تفتك بالأجسام البشرية فتكا ...
هؤلاء الذين يعتقدون و يتصورون أنهم صفوا حساباتهم الدنيوية بمجرد أداء العشرات من فرئض الحج بأموال مصادرها عرق و اهات الناس وعذباتهم وراحتهم الجسدية و النفسية ، عليهم معرفة أن الذنوب لا "تغسل" بمجرد أداء الفرائض و انما بتطبيق ما جاء في تلك الفرائض ...
حمدان العربي الإدريسي
17.11.2010